تاريخ الجبس
الجبــس gypsum
________________________________________
يعد الجبس من الخامات الأرضية الشائعة ، وهو من أكثر معادن الكبريتات انتشارا في الطبيعة كمعدن أو كصخر رسوبي ، ويتواجد عادة مع الحجر الجيري والدولوميت والطين ، كما أنة يتداخل مع معدن الأنهيدريت ـ كبريتات الكالسيوم اللامائية ـ ويكون لونه عادة أبيض أو رمادي ، وفى بعض الأحيان مائلا إلى الاحمرار، ويوجد الجبس في الطبيعة إما على سطح الأرض أو على أعماق متفاوتة قد تصل إلى أكثر من 200متر .
الاسم الكيميائي للجبس : كبريتات الكالسيوم المائية
الصيغة الكيميائية : CaSO4.2H2O
مكونات كبريتات الكالسيوم المائية
تحتوي كبريتات الكالسيوم المائية على :79.1% من كبريتات الكالسيوم و 20.9% ماء بالوزن .
ويحتوي خام الجبس عادة على شوائب من أهمها السيليكا أو الرمل (SiO2) ، وكربونات الكالسيوم (CaCO3) .
تاريخ الجبس ووجوده في الطبيعة
يعود استخدام الجبس في البناء إلى العصور القديمة في مصر وروما ، أي إلى أكثر من 6000 سنة قبل الميلاد ، وتعد الأهرامات أكبر شاهد على ذلك .
وللدلالة على الأهمية التي كان يتمتع بها الجبس في عهد الرومان فقد صدرت تشريعات خاصة تحتم على أصحاب المباني تلبيس الجدران بمادة الجبس المقاومة للحريق ، وذلك تلافيا لانتشار الحرائق ، وهذا يدل على أن الأقدمين عرفوا الخواص التي يتمتع بها الجبس وخاصة مقاومة الحريق ، كما يعرفها و يدركها المختصون والمهتمون بمواد البناء في عصرنا الحاضر .
ومن المعلوم أن مدينة باريس تقوم على مساحات شاسعة من خامات الجبس ذات اللون الأبيض ، وقد عرف الفرنسيون منذ القدم طريقة استخراج هذه الخامات و تصنيعها واستعمالها في تلبيس الجدران وأطلق عليها اسم جص باريس ( plaster of paris) ، ولا يزال يعرف الجبس عالميا بهذا الاسم .
كانت طرق تصنيع الجبس قديما بدائية ، حيث تحرق الخامات في أفران مفتوحة وبدون ضبط لدرجات الحرارة ، مما كان ينتج عنة جبس قليل الجودة الأمر الذي قلل من انتشار استخدامه ، ومع التقدم العلمي والتقني اكتشفت في أواخر القرن التاسع عشر طرقاً جديدة لتصنيع الجبس ، حيث بدأ الجبس عهداً تجارياً جديداً و انتشر بسرعة في جميع أنحاء العالم ، وأصبحت صناعته من الصناعات الرئيسة في العالم .
يصنف الجبس حسب طريقة تكوينه إلى نوعين هما :
الجبس الطبيعي
يوجد الجبس الطبيعي في تكوينات مع الصخر الملحي (Halite) علي هيئة رواسب سميكة واسعة الامتداد على شكل أجسام عدسية ـ بلورات أحادية طويلة ذات شكل منشوري ـ أو أجسام مسطحة أو كتل ليفية تتطابق مع الحجر الجيري أو الطفل أو الحجر الرملي أو الطين على امتداد العمود الجيولوجي ، خصوصاً في البيئات الجيولوجية المنخفضة .
عوامل ترسيب الجبس الطبيعي : تتطلب عملية ترسيب الجبس ضمن تكوينات الصخور الملحية عدة عوامل هي:ـ
* وجود ذراع محدود من بحر ، أو بحيرة ، أو حوض مائي .
* تبخر مياه ضحلة في بيئة جافة .
* إعادة حقن الحوض بالماء .
* انخساف أو غوص متدرج لقاع الحوض .
* ترسب الأنهيدريت (CaSO4) أولاً من المحاليل المشبعة من جراء عملية التبخر .
ونتيجة لعمليات التجوية والتميؤ يتكون الجبس الذي يتواجد دائماً فوق الأنهيدريت في التتابع الصخري ويدل
على ذلك وجود بقايا متآكلة من بلورات الأنهيدريت ، كما أن التشققات الموجودة في الأنهيدريت تكون معبأة بالجبس .
أنواع الجبس الطبيعي
يتشكل الجبس الطبيعي على هيئة ثلاثة أنواع هي كبريتات كالسيوم مائية (CaSO4.2H2O) ، و كبريتات كالسيوم نصف مائية (CaSO4.1/2H2O) ، و كبريتات كالسيوم لا مائية (CaSO4) .
صور الجبس في الطبيعة : يوجد خام الجبس في الطبيعة في عدة أشكال أهمها :
جبسيت (Gypsite)
وهو راسب أرضي دقيق الحبيبات غيرنقي ومصحوب بالطين والرمل أو بالطبقات الحمراء .
سيلينايت (Selenite)
و يعد أجود أنواع الجبس وهو عبارة عن بلورات أحادية شفافة كاملة و متشققة .
المرمر (Alabaster )
وهو عبارة عن كتل دقيقة الحبيبات يتهافت عليها النحاتون لسهولة قطعها وتشكيلها , حيث ينحت على شكل أوانِ للأزهار أو الزخارف .
جبس صخري ( Rocky Gypsum)
وهو نوع متماسك قشري أو محبب وعادة ما يكون غيرنقي .
ألياف متوازية (Satinspar )
وهي عبارة عن جبس كثير التشقق , يوجد على هيئة ألياف متنوعة تتميز بلمعة الحرير
________________________________________
كيفية استخراج الجبس
يستخرج خام الجبس الطبيعي من أماكن تواجده في الأرض آلياً أو باستعمال المتفجرات بعدة طرق منها
التعدين السطحي
ويستخدم فيها طريقة الحفرة المفتوحة (Open pit) ، وذلك بعد إزالة الغطاء السطحي (Overburden) . ولتجنب تدميرالطبقات يراعى ثبات المنحدر، وصغرالمسافة الرأسية في الحفرة المفتوحة ، وعمل ضوابط أثناء التقليع، وتحليل عينات من الجبس عند كل مستوي .
التعدين تحت السطحي
وتعد طريقة الغرف والدعائم (Rooms and Pillars) هي الأكثر شيوعاً في التعدين تحت السطحي , ويتطلب التعدين التحت سطحي توفر متطلبات أساسية مثل وفرة الاحتياطي من الخام ، وأن يكون ذا جودة عالية ، و قريباً من الأسواق المستهلكة ، وتوفر وحدة معالجة الكلس ، والقدرة على منافسة المنتجات البديلة ، و رخص وسائل النقل .
صنـاعة الجبــس
تمر صناعة الجبس الطبيعي بعدة مراحل هي :
التكسير: وتتم بتكسير الخامات المستخرجة ـ بواسطة كسارات ـ إلي قطع صغيرة على مرحلتين إحداهما تكسير أولي لإنقاص حجمه إلى قطع صغيرة بحجم كف اليد ، والأخرى تكسير ثانوي ليصل إلى حجم العدسات . ثم يخزن في مستودعات تمهيداً لإرساله إلى المحمصة .
الاستخراج: و يتم ذلك بغسل الجبس ثم غربلته ، وفصل الشوائب ، وأخيراً التجفيف .
التحميص: يتم إرسال الجبس المكسر بعد عملية الاستخلاص من مستودعات التخزين إلى أفران خاصة عند درجة حرارة 130درجة مئوية لتحميصه ، ويبقى بداخلها مدة كافية لطرد ثلاثة أرباع الماء الذي يحتوي عليه الجبس الخام فتصبح صيغته الكيميائية CaSO4.1/2H2O .
CaSO4. 2 H2O + heat = CaSO4.½ H2O + 1.5 H2O
وينتج عن ذلك نوعين من الجبس ، هما : جبس ألفا نصف مائي و جبس بيتا نصف مائي ، و يتشابه النوعان في التبلور، لكن الأول أقل قابلية للتفاعل والذوبان ، وبالتالي يتطلب كمية كبيرة من الماء وفترة أطول للتصلب ، وهوالأكثر إنتاجاً واستخداماً .
الطحن: يرسل الجبس بعد تحميصه إلى المطاحن لطحنه ، ويمكن معايرة هذه المطاحن للحصول على النعومة المطلوبة .
التعبئة: يرسل الجبس المطحون إلى مستودعات خاصة تمهيداً لتعبئه في الأكياس . ويتم قبل تعبئته في الأكياس أخذ عينات منه لإجراء عدد من الاختبارات لمعرفة مدة التصلب ، والنقاوة ، وقوة السحق والانحناء ، و نوع الشوائب ونسبة كل منها ليتم تصنيفه على ضوء تلك النتائج .
الجبس الصناعي
يمكن الحصول على الجبس الصناعي بكميات متفاوتة بعدة طرق صناعية منها :
صناعة وتنقية الأحماض العضوية
حيث تتشكل كميات قليلة من كبريتات الكالسيوم اللا مائية كمنتج ثانوي لعملية تنقية الأحماض مثل حامض الستريك , والأوكساليك , والطرطريك . ومثال ذلك تحضير الجبس الصناعي من تفاعل الأملاح لحامض الأوكساليك مع الماء وحامض الكبريتيك وفقاً للمعادلة التالية :
CaC2SO4 + 2H2O + H2SO4 -------> CaSO4.2H2O + H2C2O4
الغازات الناتجة عن عمليات نزع الكبريت
ويتم ذلك بامتصاص غاز ثاني أكسيد الكبريت ( SO2 ) - المرافق لغاز المداخن – في الماء ، وترسيبه بواسطة هيدروكسيد الكالسيوم ، ثم أكسدة الناتج للحصول على الجبس الصناعي ، وفقاً للتفاعلين التاليين :
x2SO2 + 2Ca(OH)2 -------> 2CaSO3.1/2H2O + H2O
x3H2O + 2CaSO3.1/2H2O + O2 -------> 2CaSO4.2H2O
صناعة حمض الفسفور
ويتم الحصول منها على كميات كبيرة من الجبس الصناعي وذلك عند تفاعل الفوسفات الطبيعية مع حمض الكبريت وفقاً للتفاعل التالي :
Ca5(PO4)3F + 5H2SO4 + 10H2O --------> 3H2PO4 +5CaSO4.H2O + HF
يصعب استخدام الجبس الصناعي الناتج من صناعة حمض الفسفور – مقارنة بالطريقتين السابقتين – نظراً لاحتوائه على بعض الشوائب التي تشتمل على مواد عضوية ، وقلويات ذوابة وأملاح مغنيسيوم ، وأملاح قليلة الذوبان مثل سداسي فلورسيليكات الصوديوم ( Na2SiF6) وفوسفات وفلوريدات .
ويمكن إزالة الشوائب على عدة خطوات :
_ غسل المنتج لإزالة الشوائب القابلة للذوبان مع إزالة الشوائب العضوية بعملية الطفو .
_ تجفيف المنتج بنزع الماء جزئياً .
_ تبلورالمزيج الناتج المكون من كبريتات كالسيوم ثنائية الماء وكبريتات كالسيوم نصف المائية , وذلك لإزالة الشكل الإبري الموجود في الجبس الذي قد يسبب صعوبات أثناء تصنيع أخرى .
_تحبحب وكلسنة المنتج في فرن دوار وطحنه إلى جسيمات بالحجم المرغوب فيه .
________________________________________
خصائص ومميزات الجبس
تتمتع مادة الجبس بخصائص ومميزات تجعلها دائماً في طليعة المواد الأساسية المستعملة في صناعة البناء , ومن أهم تلك المميزات ما يلي : مقاومة الحريق , امتصاص وعزل الصوت , عزل الحرارة , خصائص ميكانيكية جيدة إذ تتراوح قوة الانحناء ما بين 40-60 كجم/سم2 , وذلك حسب نوع الجبس المستعمل , ونسبة الماء فيه , كما يمكن تحسين هذه الخصائص , وخاصة زيادة قساوة سطحه , وزيادة قوة الانحناء بخلط الجبس بمواد أخرى مثل الصوف الزجاجي , إعطاء درجة نقاوة جيدة ومختلفة للأسطح , لون أبيض جميل يمكن طلاؤه بأي لون من الدهان , طول البقاء لمدة طويلة خاصة إذا استعمل بشكل فني , سهولة استعماله وتشكيله في دقائق بسبب سرعة تصلبه , زهادة الثمن حيث يعد أرخص مواد البناء الرئيسة .
استخدامات الجبس
يدخل الجبس في العديد من الصناعات التي لها مساس بحياة الإنسان اليومية ، و في مجالات مختلفة من أهمها ما يلي :
البنـاء
يشكل الجبس المكلسن (جص باريس) حوالي 95% من استخدامات الجبس ، و تتراوح نقاوته مابين 85ـ95%، ويعتمد أساسا على تسخين الجبس إلى 130 درجة مئوية ، فيفقد الماء ذا الرابطة الضعيفة الداخلة في تركيبه فيتحول إلى جبس نصف مائي CaSO4.1/2H2O يعرف تجارياً باسم ستوكو (Stucco ) ، وتتمثل أكثر استخداماته في البناء مثل لاصقات الجدران ، والألواح اللاصقة ، والأسقف المعلقة ، وبطانة الجدران ، والقواطع ، وعوازل حرارية .
الزراعة
يتكون الجبس المستخدم في الزراعة من كبريتات الكالسيوم المائية بنسبة لا تقل عن 70% ، وكربونات الكالسيوم بنسبة تتراوح ما بين 10-15% ، وأكاسيد حديد وأكاسيد الومنيوم بنسبة 1.2 % وكلوريد صوديوم في حدود% 0.5 .
يستخدم الجبس الزراعي في تحسين خواص التربة حيث يعوض نقص التربة من الكالسيوم والكبريت ، ومعالجة الأملاح الضارة والقلويات الموجودة في التربة .
ويتميز بأنه غيرمكلف ، وسهل الاستعمال ، فضلاً عن انخفاض آثاره السلبية على البيئة عند استعماله مقارنة بالمضافات الكيميائية الأخرى المستعملة في تحسين التربة .
الطب
تستخـدم النوعيات الممتازة من الجبس المكلسن في أغراض طبيـة لعمل جبائر كسـور العظام .
الصناعة
يدخل الجبس في العديد من الصناعات منها : الأسمنت البورتلندي حيث يضاف بنسبة 3-6 % بهدف تأخير سرعة تصلبه , صناعة الزجاج لتسهيل عملية طرد الغازات , صناعة البويات والصمغ ، كما يستخدم في صناعة حشو الورق ، وفي تركيب الطين المستخدم في عمليات حفر آبار النفط , صناعة الجير وحامض الكبريت ، وذلك عند تسخينه في أفران محدودة التهوية عند درجة حرارة 1093 درجة مئوية . المصادر مجلة العلوم والتقنية